"الحية بية".. ميراث شعبي يربط بين الأجيال
ما سر تلك الفرحة التي تغمر أطفالنا وهم يلقون "الحية بية" في البحر مع إطلالة عيد الأضحى المبارك وقبيل عودة الحجاج سالمين؟ في تقليد جميل يتجاوز كونه مجرد لعبة عابرة.
"الحية بية" قصة تراثية يعيشها الصغار في دولة قطر، تعلمهم قيم الصبر والتضحية ومعنى العطاء، فكل نبتة صغيرة يعتنون بها بحب واهتمام، تنتظر يوم العيد ليودعوها إلى البحر بأهازيجهم وأمنياتهم الصادقة.
وتبدأ الرحلة مع جمع الأطفال لحبوب الشعير والحلبة، وغرسها بعناية في سلال الخوص المصنوعة من سعف النخيل الأصيل، وفي اليوم الأول من ذي الحجة - بالتزامن مع انطلاق موسم الحج - يبدأ الصغار في سقاية هذه السلال بحب وانتظار.
تنمو النبتة الصغيرة يوما بعد يوم، ويطلق عليها الأطفال اسم "الحيّة"، وكأنها صديق عزيز ينتظرون لحظة الوداع الجميلة معه.
ومع بدء عودة الحجاج من الأراضي المقدسة، يتجمع الأطفال على الشواطئ القطرية وهم يحملون سلالهم الصغيرة، وينشدون سوية: "حيّة بيّة، راحت حيّة ويات حيّة"، قبل أن يلقوا بها في مياه الخليج العربي كتعبير عن الفرح بعودة الحجاج سالمين.
ثم يرددون: "اشربي من ماي زمزم، وادعي لديارنا تسلم"، حاملين في كلماتهم البريئة دعوات خالصة لأحبائهم العائدين من رحلة الحج المباركة.
هذا الموروث الشعبي الذي ورثناه من الأجداد وما زال حيا حتى اليوم، يحمل في طياته معاني عميقة تتجاوز البساطة الظاهرة، فهو بمثابة رباط وثيق بين الأجيال، وجسر ثقافي يربط الماضي العريق بالحاضر المشرق.